الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تشريح القانون (نسخة منقحة)
.البحث الأول تعريف هيئة الشريان النازل: قد عرفت مما سلف أن الشريان العظيم المسمى أورطي ينقسم إلى قسمين: أصغرهما إلى أعالي البدن ويتفرق فيها ويسمى الشريان الصاعد.وأعظمها ينزل إلى أسافل البدن ويسمى الشريان النازل وفائدة ذلك إيصال الروح الحيواني إلى جميع الأعضاء لإفادتها الحياة والحياة وينبغي أن يكون نزول هذا الشريان إلى أسفل من أقرب الطرق وأحرزها والطريق الأقرب هي المستقيمة وأحرز الطرق أن تكون قدام عظام الصلب ملاقيًا لها وإنما كانت هذه الطريق أحرز لأنه يكون فيها من خلف محروزًا بعظام الصلب.وأما من قدام فإن أعلاه يكون محروزًا بعظام القص وأسفله محروزًا بالأحشاء الموضوعة أمامه.وأما من الجانبين فإن أعلاه يكون محروزًا بالأضلاع وأسفله محروزًا بالأحشاء التي في جانبيه.وإنما احتيج أن يكون المحرز له من خلف أكبر وأعظم وهو عظام الصلب لأنه من خلف غائب عن حراسة الحس وإنما لم يجعل أسفله محروزًا بعظام من قدامه وجانبيه كما في أعلاه لأن ذلك غير ممكن إذ لو فعل في أسا فل تنور البدن عظام من قدامه وجانبيه لتعذر مع ذلك انحناء البدن وانعطافه إلى جهة من الجهات وكان ذلك مانعًا من الأعمال الإنسانية ونحوها.فلذلك تعذر أن يكون أسفله محروزًا من قدامه وجانبيه بعظام كما في أعلاه وأما في أعلاه فإن ذلك ممكن لأنه لا يعاوق عن الأعمال الإنسانية ونحوها.ولما كان القلب موضع مخرج هذا الشريان منه غير ملاق لعظام الصلب احتاج هذا الشريان في نفوذه إلى ملاقاة تلك العظام التي توجه إليها.وينبغي أن يكون ذلك على الاستقامة لئلا تطول المسافة التي هو فيها غير متكئ على عظام وموضع انفصال هذا الشريان من الشريان الآخر الصاعد إلى محاذاة الفقرة الخامسة من فقار الظهر فلذلك يجب أن يكون نفوذ هذا الشريان في توجهه إلى عظام الصلب وهو إلى هذه الفقرة.وعند نفوذه إليها يحتاج أن ينعطف لينزل إلى أسفل فلذلك يحدث له هناك زاوية وملاقاة تلك الزاوية لعظام الصلب مضر لا محالة لهذا الشريان فلذلك خلقت هناك غدّة تسمى التوتة.لتكون بهذا لشريان وطئًا وهناك يرتبط لا محالة بعظام الصلب ويمتد عليها إلى حيث يمكنه النفوذ إلى الرجلين على الاستقامة وذلك عند فقرات العجز فلذلك هذا الشريان يمتد على عظام الصلب من الفقرة الخامسة من فقرات الظهر إلى فقرات العجز.ولما كان النخاع جزءًا من الدماغ وجب أن تكون حاجته إلى كثرة الأرواح الحيولية قريبة من حاجة الدماغ فلذلك احتيج أن ينفذ إليه شعب كثيرة من هذا لشريان إلى النخاع شعب من كل فقرة يمر عليها.ولذلك ترسل شعبًا أخر إلى الأعضاء التي يمر على محاذاتها على ما هو مذكور في الكتاب.قوله: ثم من بعد ذلك تنفصل منه ثلاثة شرايين: الصغير منها يختص الكلية اليسرى.السبب في اختصاص هذه الكلية بذلك أنها في الجانب الأيسر وبقرب الطحال فلو لم يختص بهذه الشعب تسخنها لكانت تبرد فتخالف كثيرًا لمزاج قوله: والآخران يصيران إلى الكليتين لتجذب الكلية منهما مائية الدم فإنهما كثيرًا ما يجتذبان من المعدة والأمعاء دمًا غير نقي لا شك أن هذين الشريانين مع أنهما يفيدان الكليتين الحياة والحرارة فإنهما ينتفع بهما في الكليتين لأنهما يجتذبان منهما مائية كثيرة فتنقى بسبب ذلك ما في الشرايين من الدم عن تلك المائية وأما سبب هذه المائية التي تحتاج إلى اجتذاب الكليتين لها فليس ما قاله.فإن الشرايين ليس من شأنها اجتذاب الدم المائي بل سبب ذلك أن الدم الذي يصل إلى القلب لا بد من أن يكون كثير المائية. ولذلك سبب فاعلي وسبب غائي.أما السبب الفاعلي: فهو أن الدم الذي يأتي القلب إنما يأتيه من الوريد الصاعد.ودم هذا الوريد لا يخلو من مائية كثيرة خاصة عند قرب الكبد وذلك لأن هذا الوريد يتصل به ما يصفي الدم من المائية كما في الوريد النازل على ما تعرفه بعد.وأما السبب الغائي: فهو أن القلب يحتاج إلى أن يتصعد منه أجزاء كثيرة من الدم وينفذ إلى الرئة فيخالط الهواء ويحدث من ذلك جرم مستعد لأن يصير في القلب روحًا وتصعد هذه الأجزاء يكون بالتبخر وكثرة المائية في الدم مهيئة لذلك التبخير فإن الأجسام الأرضية يقل تصعدها بالحرارة ومخالطة المائية للأرضية تهيئها لذلك فلذلك احتيج أن يكون الدم الواصل إلى القلب كثير المائية وجرم القلب كثير الأرضية فلا بد من أن يكون اغتذاؤه بما يناسبه من ذلك الدم فلذلك تكثر المائية في الدم الذي يتصعد منه إلى الرئة لأجل انصراف الأرضية إلى غذاء القلب.فلذلك يكون ما ينفذ إلى التجويف الأيسر من القلب من الأجزاء الدموية المخالطة للأجزاء الهوائية كثير المائية جدًّا فلذلك يكون النافذ من ذلك التجويف إلى الشرايين كذلك وهذه المائية الزائدة تجعل الدم مستعدًا للفساد والعفونة فلذلك تحتاج إلى تنقيته منها والعضو الذي من شأنه جذب المائية من الدم هو الكلي فلذلك يحتاج أن ينفذ إلى كل شعبة من الشرايين لتجتذب منها المائية المخالطة لدم الشرايين.قوله: فالآتي إلى اليسرى منهما يستصحب دائمًا من الآتي إلى الكلية اليسرى.السبب في ذلك أن الجانب الأيسر أكثر بردًا من الأيمن فلو لم يكن ما يأتي البيضة اليسرى من الشرايين أزيد مما يأتي الكلية اليمنى لكانت البيضة اليسرى أبرد كثيرًا من اليمنى.ولو كان كذلك لكان ما يخرج منها من المني مخالفًا جدًّا في المزاج لما يخرج من البيضة اليمنى ولو كان كذلك لكان المني الخارج منهما غير متشابه المزاج ولأجل كثرة الشرايين في البيضة اليسرى صارت مشاركتها للقلب أكثر من مشاركة البيضة اليمنى له ولأجل الشعبة الآتية إليها من الكلية صارت البيضة اليسرى مشاركة للكلية اليسرى ولا كذلك الكلية اليمنى فإنها لا تشاركها البيضة اليمنى كثير..البحث الثاني المواضع التي لا تصاحب الشرايين فيها الأوردة: .الجملة الخامسة صفة الأوردة: هي خمسة فصول:.الفصل الأول العروق الساكنة: قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:أما العروق الساكنة.إلى آخر الفصل.الشرح:لما كانت الكبد وهي العضو الذي من شأنه إحالة الكيلوس كيموسًا لتغذية نفسها وتغذية البدن كله بذلك الكيموس.وإنما يمكن ذلك بأن يكون للكيموس طريق ينفذ فيه من المعدة والأمعاء إلى الكبد ويكون للكيموس طريق ينفذ فيه من الكبد إلى جميع الأعضاء ولا بد من أن يكون جرم كل واحد من الطرق قويًّا لئلا ينخرق عند تمديد الكيموس أو الكيلوس له.ولا بد أن يكون مع ذلك لدنًا حتى يكون قابلًا للانثناء والانعطاف بسهولة على حسب ما يعرض للأعضاء الأخر من ذلك فلا يكون معاوقًا عن تحرك الأعضاء.ولا بد من أن يكون مع ذلك مجوفًا ليمكن أن ينفذ في تجويفه كل واحد من هذين: أعني الكيلوس والكيموس وما هو من الأعضاء كذلك فهو المسمى عند متأخري الأطباء بالأوردة وهي التي نريد أن نتكلم الآن فيها.ولما كان تولد الكيموس هو في المعدة وانجذابه هو في الأمعاء وجب أن يكون الطريق الذي ينفذ فيه الكيلوس إلى الكبد مع اتصاله بالكبد هو متوجه إلى ناحية المعدة وإلى الأمعاء وما يقرب منهما ليكون منهما ترشح من هذين العضوين شيء من الكيلوس فيمكن لتلك الأوردة المنبثة هناك من استرشاحه لينفذ في تجاويفها ويوصله إلى الكبد.أما اتصال هذه الأوردة بالكبد فيكفي أن تكون في موضع واحد. ومن ذلك موضع يتفرق الكيلوس في جرم الكبد فلذلك يكفي أن يكون الآتي للكبد بالكيلوس عرقًا واحدًا ويكون لذلك العرق تفرع في جرم الكبد إلى فروع كثيرة فيها ينفذ الكيلوس في جرمها متفرقًا متشتتًا ليكون أقوى على إحالة قوية.وهذا العرق يسمى الباب وفروعه التي تنبت في جرم الكبد تسمى فروع الباب.وأما أطراف هذا العرق عند المعدة والأمعاء ونواحيهما فيجب أن تكون كثيرة جدًّا لتفي باستنشاق جميع ما يرشح من هذين العضوين من أي موضع كان.فلذلك يجب أن ينقسم الباب في أخذه إلى المعدة والأمعاء إلى فروع كثيرة.وهذه الفروع تسمى الماساريقا والمشهور أن هذه الماساريقا متصلة بالمعدة وبالأمعاء جميعها نافذة بتجاويفها إلى تجاويف المعدة والأمعاء وهذا قد بيناه فيما سلف أن من جملة الخرافات المشهورة هذا.وأما الأوردة الموصلة للكيموس من الكبد إلى جميع الأعضاء فظاهر أنها يجب أن تكون متصلة أيضًا بالكبد وبالأعضاء جميعها واتصالها بالكبد يكفي أيضًا أن يكون في موضع واحد وذلك هو الوريد المسمى بالأجوف.ولما كان اتصال الباب بالكبد يجب أن يكون من جهة مواجهتها للمعدة والأمعاء وذلك هو مقعر الكبد وجب أن يكون اتصال الأجوف هو محدب الكبد لأن الكيلوس إنما يجذبه الكبد ليأخذ منه الغذاء واندفاعه بعد أن صار كيموسًا من الكبد إلى الأعضاء الأخر إنما يكون لأنه فضل غذائها وجهة دفع الفضل يجب أن تكون مقابلة لجهة جذب الغذاء كما بيناه مرارًا فلا بد أن يكون اتصال العرق المسمى بالأجوف من محدب الكبد ويجب أن يكون لهذا الأجوف أصول كثيرة متفرقة في أجزاء الكبد لتمتص الكيموس من جميع أجزاء الكبد وتوصله إلى هذا وبعد هذا نتكلم إن شاء الله تعالى في تفصيل الكلام في كل واحد من هذين العرقين: وهما الباب والأجوف.ولنقدم أو لًا الكلام في الباب لأن فعله متقدم على فعل الأجوف. والله ولي التوفيق..الفصل الثاني تشريح الوريد المسمى بالباب: قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:ولنبدأ بتشريح العرق.إلى آخر الفصل.الشرح:قوله: ينقسم طرفه في تجويف الكبد إلى خمسة أقسام.السبب في أن هذه الأقسام خمسة هو أن الكبد يمكن أن يكون لها خمس زوائد فلذلك جعلت هذه الأقسام خمسة ليكون لكل زائدة يمكن حدوثها قسم على حدة.قوله: ويذهب وريد منها إلى الزائدة.السبب في جعل العرق الآتي إلى المرارة من جملة هذه الفروع لا من أقسام الباب كما في الطحال هو أن المندفع إلى المرارة شديد المنافاة لمادة الغذاء فلذلك لا يصلح نفوذه في مجرى الغذاء بخلاف النافذ إلى الطحال وكذلك الطحال لبعده لا يمكن أن يكون النافذ إليه من هذه الفروع بخلاف المرارة فإنها شديدة القرب من الكبد.وقوله: وهذه الشعب هي مثل أصول الشجرة التي ينبغي أن تكون مثل أصول الشجرة هو الأقسام المنقسمة من الباب خارج الكبد لأن تلك منها تنفذ مادة الغذاء إلى هذه الثقبة في جرم الكبد.وكذلك أصول الشجر التي تنفذ منها مادة الغذاء وينتهي إلى الفروع وعبارة الكتاب في هذا ظاهرة غنية عن الشرح:والله ولي التوفيق.
|